ليلة تاريخية لكل عشاق ريال مدريد حول العالم، بل هو موسم لتخزين الذكريات من أجل التفاخر بها بعد مرور السنين. للمرة الثالثة على التوالي في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، كتيبة كارلو أنشيلوتي تطيح بمانشستر سيتي من نصف النهائي في الأنفاس الأخيرة، ثم الأشواط الإضافية.

في اللحظة التي يشعر فيها الخصم أنه حسم التأهل، في هذه اللحظة تحديداً، ينتفض ريال مدريد ويسجل الأهداف المطلوبة. سيناريو شاهدناه مراراً وتكراراً، ليس في دوري الأبطال فقط، حتى في الدوري الإسباني.

شوط أول كان متكافئ إلى حدٍ كبير بين الفريقين، سواء من حيث عدد الفرص أو نسبة الاستحواذ، بينما تفوق ريال مدريد في الربع الأول من الشوط الثاني، قبل أن ينتفض مانشستر سيتي ويسجل هدف التقدم عن طريق رياض محرز، ثم يسيطر على الملعب بشكل كامل حتى الدقيقة 88، فبعدها بدأ تنين الريال الخفي بالظهور، وقلب الطاولة تماماً بهدفين رائعين من رودريجيو.

جوارديولا عرف كيف يلعب مع ريال مدريد

قصص سبورت 360

رغم الأخطاء التي ارتكبها بيب جوارديولا أثناء المباراة، والتي سوف نسلط الضوء عليها لاحقاً، لكن لابد لنا من الثناء على الاستراتيجية التي لعب بها ضد ريال مدريد في مباراة اليوم، واحترامه الكبير لجودة بعض اللاعبين.

جوارديولا بحث عن التسجيل كعادته، لكن بدون تهور او اندفاع، حتى أن الضغط العالي لم يفرضه معظم الوقت لكي يحافظ على قدرات لاعبيه البدنية، ولم يكن لديه أي مشكلة باستقبال اللعب في بعض الفترات، والسماح لريال مدريد بالاستحواذ.

في الواقع، هذه أفضل طريقة يمكن أن تواجه فيها ريال مدريد عندما تكون متقدماً في كل شيء، وبالفعل، كان كل شيء يسير بشكل جيد، حتى جاءت الدقائق المجنونة، التي لا يمكن تفسيرها بشكل كامل في التحليلات الفنية والتكتيكية.

أنشيلوتي أدار ريال مدريد بشكل مذهل

ربما يعترض البعض على تشكيلة ريال مدريد الأساسية، بحكم أن رودريجيو وكامافينجا يقدمان أداء أفضل من توني كروس وفيديريكو فالفيردي مؤخراً، لكن كارلو أنشيلوتي أراد الاحتفاظ ببعض الأوراق للنصف ساعة الأخيرة أولاً، ثم تقديم مباراة متوازنة، مراهناً على جودة كريم بنزيما وفينيسيوس في التسجيل.

ريال مدريد كان أكثر صلابة دفاعياً في مباراة اليوم، رغم أنه كان يهاجم بشكل أكبر من مباراة الذهاب، وهذا التوازن يُحسب للمدرب أنشيلوتي الذي استطاع قرأ المباراة جيداً، ولولا سوء التوفيق الذي لازم كريم بنزيما وفينيسيوس جونيور، لكان الريال متقدماً بالنتيجة في أكثر من مرحلة خلال اللقاء.

ناتشو أهم لاعب في ريال مدريد اليوم

لولا ناتشو، لكان وضع ريال مدريد مختلف تماماً، الأمر لا يتعلق فقط بالكرات التي افتكها من مهاجمي مانشستر سيتي، أو بالروح القتالية التي كانت مفقودة لدى الكثير من اللاعبين، وإنما بشخصيته القوية وقدرته على الخروج بالكرة، دون ارتباك أو خوف، بخلاف زميله البرازيلي ميليتاو المرتبك دائماً.

ناتشو اليوم ذكرنا بشيء من سيرجيو راموس، يخرج بالكرة تحت الضغط، ولا نشعر بأي ذرة خوف لديه في العملية الدفاعية أو عملية بناء اللعب، ووجوده في خط دفاع ريال مدريد كان مهماً اليوم، لأن جميع زملائه لا يملكون هذه الصفات، حتى وإن كانوا يفوقونه ببعض التفاصيل الأخرى.

أنشيلوتي ليس جوارديولا .. لكنه يتفوق عليه بجودة القرار

تأهل ريال مدريد لا يعني أن كارلو أنشيلوتي مدرب أفضل من بيب جوارديولا من حيث فلسفة اللعب والفنون التكتيكية، لأنه لا أحد يضاهي الفيلسوف في ذلك. لكننا مؤخراً بدأنا ننسى أن دور المدرب ليس وضع الخطة المناسبة وتطبيق استراتيجية لعب جيدة فقط، فهناك جزء مهم جداً يتعلق بإدارة المباراة واتخاذ القرارات في الوقت المناسب، وبهذا كارليتو اكتسح جوارديولا تماماً.

في الوقت الذي رأى الجميع خطأ جوارديولا الفادح بسحب كيفين دي بروين ثم رياض محرز من الملعب، كان كارلو أنشيلوتي يقوم بتبديلاته التي لم يرد أن يقدمها في تشكيلته الأساسية لهذه الظروف تحديداً. وبكل صراحة، المدرب الإيطالي كان ذكياً جداً بالتبديلات إلى حدٍ كبير، فلم يتوقع أحد أن إخراج ثلاثي خط الوسط الأساسي سيعطي الفريق هذه الروح الجديدة، ويخلق حلولاً كانت مفقودة تماماً.