لسنوات وسنوات ستبقى لقطة غرس على الهلال من قبل علي البليهي؛ مدافع الزعيم السعودي، غصة في قلب جمهور الجار نادي النصر، ربما يحاولون القول بأنه "مجرد خرقة" تم غرسها، لكن في النهاية الملعب ملك للعالمي، لكن حقيقة الأمر فإنها لقطة استفزازية كبيرة بالنسبة للجماهير، حتى وإن رددوا علنًا أنها "مجرد خرقة"..
19 من أكتوبر 2021، تاريخ سيظل عالقًا في أذهان الجماهير السعودية، ليس فقط كونه اليوم الذي شهد ديربي هو الأول من نوعه بين الهلال والنصر في نصف نهائي دوري أبطال آسيا، وليس فقط لأن الزعيم أقصى العالمي بهزيمته على ملعبه بثنائية مقابل هدف وحيد، لكن سيعلق مشهد ركض البليهي إلى وسط الملعب حاملًا راية زرقاء كبيرة بيده، ليقوم بعد ذلك بغرسها في نقطة ارتكاز ملعب "مرسول بارك"، في إشارة لاحتلاله ملعب الجار، ثم يزيد الأمر حدة بعدما نشر الصورة عبر حسابه على "إنستجرام"، معلقًا: "بليهي بارك .. الأرض أرضي والزمان زماني"، بالطبع موقف ليس من السهل نسيانه.
لحسن حظ مدافع الزعيم أن جمهور العالمي في الملعب، يتمتع بتحضر كبير، ولم يحاول اقتحام الملعب، لرد الصفعة له، مثلما حدث في الأراضي التركية، فما هي القصة؟
الفكرة التي نفذها البليهي هي بالأساس مستوحاة من الملاعب التركية، إذ أن غرس العلم تم لأول مرة في ملعب "شوكرو ساراج أوغلو" الخاص بنادي فنربخشة بعام 1996..
تعود القصة إلى شهر أبريل 1996، حيث ديربي جلطة سراي وفنربخشة في نهائي كأس تركيا، المباراة تقام من ذهاب وإياب.
في الذهاب، الذي أقيم في يوم 11 أبريل، فاز جلطة سراي على أرضه بهدف نظيف، سُجل في الخمس دقائق الأولى، ولم يتمكن اللاعبون من تعزيزه بهدف آخر، ليذهبوا بعدها بأيام إلى أرض فنربخشة، بقلق كبير.
أما في الإياب، الذي أقيم يوم 24 أبريل، مر الوقت الأصلي وأصحاب الأرض متقدمين بهدف نظيف منذ الدقيقة 34 من عمر الشوط الأول، ليتعادل الفريقان في مجموع مباراتي الذهاب والإياب، ويتم الالتجاء إلى الشوطين الإضافيين.
في الدقيقة 116، تأتي الانفراجة بإحراز جلطة سراي هدف التعادل في الإياب، ليتوج بطلًا لكأس تركيا.
حتى الآن يبدو الأمر عاديًا، فائز وخاسر كحال كل النهايات، لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للأسكتلندي جرايم سونيس؛ المدير الفني لجلطة سراي، ليس لأنه ديربي أسطنبول، لكن المباراة كانت ثأرية بصفة شخصية بالنسبة له..
يتحرك سونيس من السور الحديدي المحاوط للملعب، راكضًا إلى وسط الملعب وهو يحمل راية بخطوط عريضة صفراء وحمراء، وهي ألوان قميص جلطة سراي، ثم يقوم بغرسها بقلب ملعب "شوكرو ساراج أوغلو"، ليزيد جمهور فنربخشة استشاطًا وغليلًا.
يقول سونيس عن هذه الواقعة، في تصريحات قديمة لـ"بي بي سي": "عندما تعاقد معي جلطة سراي، قال أحد أعضاء مجلس إدارة نادي فنربخشة (ما الذي سيفعله جلطة سراي بعد تعاقده مع رجل مشلول وجعله مدربًا؟)، كان يقصد بذلك جراحة القلب المفتوح التي أجريتها قبل عامين من قيادتي للأحمر والأصفر، غضبت وقتها، فلم يكن من اللائق أن يقول عني هذا.
"الثأر كان بعدها بتسعة أشهر، إذ أننا نتوج على أرض فنربخشة بلقب كأس تركيا، لذلك اتجهت أنا واللاعبون إلى السور الحديدي الذي يفصل المدرجات عن الملعب، وتسلم كل لاعب راية كبيرة تحمل علم جلطة سراي، تناوبوا جميعًا على التلويح بها، حتى وصل إليّ".
يضيف جرايم سونيس: "لوحت بها أنا أيضًا أمام الجماهير، وحاولت أن أسلمها لشخص آخر ليلوح بها، لكنني لم أجد أحد حولي، فقد اتجه جميع اللاعبين إلى وسط الملعب لاستلام الكأس، لذلك أتت الفكرة إلى رأسي.
"قمت بالركض إلى وسط الملعب، وأنا أنظر إلى المدرجات التي يجلس بها أعضاء مجلس إدارة فنربخشة، نظرت إلى المسؤول الذي قال عني مشلولًا قبل تسعة أشهر، وكأنني أقول له (انظر ماذا سيفعل بك هذا المشلول)، وبالفعل قمت بغرس العلم في وسط ملعبه".
لكن المدرب الأسكتلندي اعترف بعد ذلك بأنه ندم على فعلته، حتى أنه أصبح بعدها بدقائق قليلًا متأكدًا من أن مصيره سيكون الطرد خارج أسوار النادي، بل خارج تركيا بأكملها، فقط حاول جمهور فنربخشة عبور السور الحديدي المحاوط للملعب، من أجل الوصول إلى سونيس، كي ينهالوا عليه بالضرب المبرح..
"بعد أن غرست العلم، أدركت أنني لم أتصرف بذكاء على الإطلاق، الجمهور كان يحاول عبر السياج الحديدي للنزول إلى أرض الملعب، لكن الشرطة حاوطتني بسرعة كبيرة، حتى أصبحت في حمايتهم، إلى أن وصلت إلى الممر المؤدي لغرف خلع الملابس".
وتابع: "اعتقدت بعد أن وصلت للممر أنني هربت من الجماهير، لكنني فوجئت بضربة على رأسي من أحدهم الذي تمكن من الوصول إلى الممر، وحدث اشتباك بيننا، حتى تم نقلي إلى غرف خلع الملابس بأمان".
وعلى عكس ما توقع جرايم سونيس، فلم يُطرد من النادي أو من تركيا، بل أنه تلقى تحية وعناق من مسؤولي جلطة سراي على تصرفه: "كانوا سعداء للغاية للفوز بالكأس، لكن سعادتهم الأكبر كانت من غرسي للعلم في ملعب فنربخشة".
الموقف لم ينتهي عند هذا الحد، بل أن هذا المشهد يتم إحياء ذكراه من قبل جلطة سراي في كل عام، حتى أنه تم إعادة تمثيله ذات مرة.
أما الجمهور فيعتبر سونيس بطلًا تاريخيًا لجلطة سراي، حتى تم تلقيبه بـ"أولوباتلي سونيس"، أسوةً بالبطل العثماني التاريخي "أولوباتلي حسن"، الذي حرر القسطنطينية عام 1453، وقام برفع علم النصر على أراضيها.
الآن سينظر الجمهور السعودي لتصرف البليهي نظرة أخرى، ربما سيمنحه جمهور الهلال لقبًا تاريخيًا كما فعل جمهور جلطة سراي مع سونيس، وربما سيزداد جمهور العالمي كرهًا له أكثر وأكثر، بل سيبدأ من الآن التفكير في طريقة ثأرية أكثر استفزازية في محاولة للتغطية على واقعة غرس العلم، وستكشف لنا الأيام عن المزيد من توابع هذه الواقعة.
اقرأ أيضًا..
اخلاء مسئولية! : هذا المحتوى لم يتم انشائة او استضافته بواسطة موقع اخبار الكورة و اي مسؤلية قانونية تقع على عاتق الموقع مصدر الخبر : GOAL [2] , يتم جمع الاخبار عن طريق خدمة ال RSS المتاحة مجانا للجمهور من المصدر : GOAL [2] مع الحفظ على حقوق الملكية الخاصة بمصدر الخبر.