وداعًا بوسكيتس .. حان الوقت للبحث عن كبش فداء جديد يا جمهور برشلونة!

"عندما تشاهد المباراة لا ترى بوسكيتس، لكن عندما تشاهد بوسكيتس سترى المباراة بأكملها". – مدرب إسبانيا الأسبق فيثنتي ديل بوسكي

انتهت الرحلة إذًا، قرر سيرجيو بوسكيتس ألا يجدد عقده مع برشلونة ويغادر النادي الكتالوني بعد 15 عامًا قضاها في الفريق الأول ساهمت في تغيير الكثير والكثير.

بوسكيتس كان نجم الظل، الضحية وسط جيل عظيم ثم الضحية وسط أزمات فنية واقتصادية، ثم كيس ملاكمة يفرغ فيه كل غاضب من تردي مستوى برشلونة غضبه على صاحب القميص رقم 5.

بوسكيتس كان حتى نجم الظل في زمن مواقع التواصل الاجتماعي، فلم يظهر عليها سوى قبل بطولة يورو 2020 الأخيرة بإنشاء أول حساب رسمي له، لكن حتى بعد ذلك لم نره نشيطًا كغيره من اللاعبين.

رحيل بوسكيتس كان بمثابة النهاية للجيل الذي بدأ رحلته بسداسية في 2008-2009 حققها سيرجيو وهو فقط بعمر 21 عامًا، واعتبره بيب جوارديولا حجر أساس مشروعه الأعظم لفريق ربما لن يتكرر في كرة القدم.

الجيل الذهبي

هل تعرف ما الذي يعنيه أن تبدأ رحلتك وسط جيل ذهبي؟ لا أحد يراك أبدًا.

بوسكيتس وجد نفسه يلعب بجوار أندريس إنييستا الذي حفر اسمه بحروف من ذهب بعد نهائي دوري أبطال أوروبا 2006، وتشافي هيرنانديز الذي يقدره جمهور برشلونة منذ ظهوره الأول في أواخر القرن الماضي، وليونيل ميسي الذي حظي بحب الجماهير قبل حتى أن تطأ قدماه أرض الملعب.

إنييستا كان ساحرًا، ينساب في أرضية الملعب وكأنه يلعب رياضة التزلج على الثلج، يراوغ هذا ويمرر لذلك ويصنع متعة خاصة به، أما تشافي فكان القائد، تمريرته تحرك فريقًا بأكمله، وتصريحاته خارج الملعب تبرهن على عظمته ككتالوني أصيل عاشق لفريق.

وإن قلنا ميسي، فلا أعتقد أن الكلمات توفي حقه، فنحن نتحدث عن أفضل لاعب مر على تاريخ برشلونة أو ربما حتى كرة القدم، يفعل كل شيء في الشق الهجومي بمهارة وذكاء والتزام نادر الوجود للاعب بمثل موهبته.

إذًا من الضلع الذي لا يراه أحد؟ بالطبع عرفته النحيل الذي يتواجد في خط الوسط، يمتلك عقلًا راجحًا يجعله يقتل الهجمة الخطيرة قبل حتى أن تكون خطيرة.

لا يصرخ ولا يشير إلى الشعار مع كل هتاف ولا يجري يحتفل مع جماهير، لا يُظهر لأحد أنّ استعادته للكرة جاءت شاقة وعسيرة، ولا يحاول الخروج بتصريحات نارية يعشقها الجمهور، فهو هادئ داخل الملعب سلاحه عقله ولا يحب التعامل مع الإعلام.

النتيجة إذًا؟ سيكون الرابع على الأقل وسط هذا الجيل من أساطير الوسط، بل حتى حينما يعود سيسك فابريجاس سيحظى باهتمام وتقييم أعلى منه من قبل الجماهير، لا أحد يراه لكنه يرى كل شيء.

انهارت الفكرة

وماذا بعد انهيار المنظومة؟ رحيل تشافي ثم إنييستا وفساد المنظومة بالكامل، ماذا حدث؟ غرّد ليونيل ميسي منفردًا فتصور الجميع أنّ بوسكيتس يجب عليه أن يغرد بدوره منفردًا ليؤكد على قيمته كأسطورة بين الأساطير.

لكن ميسي حالة فريدة، فحتى إنييستا وتشافي لم ينجحا في التغريد منفردين، وهناك أصبح بوسكيتس هو كبش الفداء المثالي لمنظومة دفاعية هشة وأفكار مضطربة بين آخر موسم لإنريكي ومواسم فالفيردي ثم التعثر الأكبر لبرشلونة النادي قبل الفريق.

الجميع بدأ يطلب منه أن يتخلى عن ذكائه ليكون لاعب "جرينتا" يصرخ وينفعل ويركض حتى تنفجر قدماه، فقط لأن المنافسين يفعلون ذلك، مع أن برشلونة لم يكن يومًا مثل المنافسين.

أصبح كبش الفداء، فمن يدفع ثمن خروج برشلونة المتواصل من دوري أبطال أوروبا؟ بالطبع ليس ميسي، وكلمة المنظومة أكبر من أن يفهمها الجمهور!

لابد أن نصرخ ونطلب برحيله، وحينما يأتي لاعب آخر مثل فرينكي دي يونج نطالب بأن يكون بديله حتى لو أثبت فشله في القيام بأدوار بوسكيتس، بل حتى لو خرج وأعلن أنّه يتعلم الكثير من سيرجيو.

رحل الصامت وانتهى الجيل الذهبي

بوسكيتس أعلن رحيله ليغلق الباب على الجيل الذهبي، ولربما تكون عودة ليونيل ميسي المعقدة هي رابط الخيط الأخير من الجيل الذهبي، لكن سيبقى سيرجيو مظلومًا.

الأرقام تدعمه، المدربون الذين مروا على برشلونة ومنتخب إسبانيا يدعمونه، اعتزل دوليًا ولويس إنريكي يطلب استمراره، ورحل عن برشلونة وتشافي المدرب يرغب في تجديد عقده، لكنّه لن يكون مقدرًا دائمًا.

نجم الظل، البعيد كل البعد عن الأضواء الإعلامية التي تمنح لأنصاف المواهب شهرة أوسع وقيمة أعلى، والقائد الذي لا يتحدث كثيرًا ولا يفتعل المشاكل أو يثير الجدل، رحل عن برشلونة، وترك النادي الكتالوني يبحث عن عالم جديد بلا جيل ذهبي!

انتهت الرحلة وفُتحت الأبواب لشخص جديد يحمل عبء بوسكيتس في أن يكون كيس الملاكمة الذي يفرغ فيه المشجع غضبه على إخفاقات برشلونة!