جول 11 | موسم رونالدو .. النصر لم يكن سوى حبة الكرز لكعكة الفشل وخيبة الأمل

انتهى الموسم بحلوه ومره، وحان وقت مراجعة أحداثه ولحظاته الإيجابية والسلبية، للخروج بملاحظات ونصائح لما يجب تكراره وما يجب تفاديه في الموسم القادم .. أحد هؤلاء الذين يُفكرون جيدًا وجديًا في حصاد موسمهم هو نجم النصر كريستيانو رونالدو، واليوم قد نُساعده قليلًا.

موسم صاحب الـ38 عامًا في 2022-2023 تضمن 5 محطات مهمة، سوق انتقالات صيف 2022 والفش في إيجاد نادٍ جديد، ثم بداية الموسم مع مانشستر يونايتد، ثم الحديث الشهير مع بيرس مورجان، ثم تجربة كأس العالم قطر 2022 مع البرتغال، والختام أخيرًا بانضمامه للنصر وقدومه للسعودية.

رحلة عنوانها الأبرز الفشل وخيبة الأمل والمعاناة! هي كلمات غريبة عن مسيرة رونالدو المزدحمة بالإنجازات والأرقام القياسية والألقاب الفردية والجماعية، لكنها الحقيقة والواقع المؤلم الذي عاشه هذا الأسطوري في موسمه الأخير على الملاعب الخضراء.

البداية بعنوان .. كلهم خانوك يا رونالدو!

القصة بدأت بالفشل في إيجاد نادٍ جديد ينتقل له بعد موسمه الصعب في مانشستر يونايتد، حاول وحاول لكن الجميع أغلق أبوابه في وجهه باستثناء عرض من الهلال السعودي قوبل بالرفض من جانبه .. قرار ربما ندم عليه لاحقًا!

بداية الموسم كانت بالمعاناة مع إيريك تين هاج في مانشستر يونايتد، الجلوس على دكة البدلاء ودخول المباريات في الدقائق الأخيرة ثم الخلاف الشهير خلال مواجهة توتنهام، كان واضحًا تمامًا أن المدرب الجديد لا يُعول عليه أبدًا ويراه مجرد عبء زائد!

قصة مأساوية انتهت بشكل لم يتوقعه أحد .. مقابلة عاصفة مع الإعلامي المخضرم بيرس مورجان تضمنت انتقادات واضحة لإدارة اليونايتد والمدرب الهولندي والنجمين السابقين جاري نيفيل وواين روني، حوار يُمكن تلخيصه بجملة واحدة "أشعر بالخيانة في مانشستر يونايتد"، خيانة ربما شعر بها منذ الصيف حين رفضه الجميع، ليعيش مشهدًا من فيلم "الناصر صلاح الدين" عنوانه "كلهم خانوك يا رونالدو"!

مونديال قطر 2022 .. دموع دموع دموع

رد الفعل الإنجليزي كان المتوقع تمامًا، الإعلان عن فسخ عقد رونالدو خلال تواجده في قطر لخوض غمار كأس العالم 2022 .. أمله الأخير في إقناع نادٍ يمنحه العقد الذي يريده، والأهم استعادة هيبته أمام الإعلام والجمهور.

الأمور بدأت جيدًا باللعب أساسيًا في مباريات دور المجموعات الثلاثة وإحراز هدف من ركلة جزاء، لكن الوضع اختلف مع دور الـ16، حيث جلس بديلًا خلال الفوز الكبير على سويسرا، والأمر ذاته تكرر أمام المغرب في ربع النهائي.

مشهد واحد قد يُلخص مغامرة رونالدو في مونديال قطر، مشهد دموعه بعد الخروج أمام المغرب .. لم تكن مجرد دموع الخسارة، بل دموع الاستسلام للمصير والاعتراف بالنهاية وإدراك حقيقة الواقع الجديد الذي يجب أن يتكيف عليه ويعيشه منذ الآن وصاعدًا.

النصر .. مسك الختام لموسم مخيب

كل تلك المشاعر ترجمت سريعًا إلى فعل بتوقيع رونالدو للنصر في آخر أيام عام 2022 الكئيب بالنسبة للنجم الأسطوري، خطوة انتقدها الأغلبية العظمى من عشاقه الذين عاشوا معه رحلة الصعود إلى القمة وتمنوا اعتزاله وهو قريب منها على الأقل، وقد وصفوا تلك الخطوة بالانتقال للدوري السعودي، والتي رفضها رونالدو قبل عدة أشهر فقط، بأنها تراجع كبير ومخيف وتمنوا لو أعلن اعتزاله.

أحد المشاهد الجميلة في موسم رونالدو كان حفل تقديمه لاعبًا للنصر، وقد وصفه مؤخرًا بأنه أحد أسعد أيامه في كرة القدم، الفريق السعودي قدم حفلًا يليق بالحدث والأسطورة البرتغالية وحفاوة استقبال الجمهور السعودي عوضته نسبيًا عن "الخيانة" التي وجدها في إنجلترا.

بانتقاله للنصر بدأ رونالدو مغامرة جديدة تمامًا في أرض غريبة وثقافة مختلفة وكرة قدم غير التي اعتاد عليها منذ سن المراهقة .. تحدٍ كبير خسره النجم الكبير للأسف في موسمه الأول ويرغب بالتأكيد بالفوز به الموسم القادم.

رونالدو بدأ الموسم بمواجهة الاتفاق في دوري روشن، كانت بداية سعيدة رغم أنه لم يُسجل، لكن الضربة الأولى أتت سريعًا بعد 4 أيام حين خرج من كأس السوبر بالخسارة المؤلمة أمام الاتحاد .. هنا خسر النصر هدفه الأول في الموسم.

نجح رونالدو في إحراز هدفه الأول خلال المباراة التالية أمام الفتح في الدوري، وبات حديث الجميع بإحرازه سوبر هاتريك أمام الوحدة في اللقاء التالي، ثم هاتريك في مرمى ضمك بعد تمريرتين حاسمتين أمام التعاون.

المشاهد المؤلمة عادت سريعًا بالخسارة أمام الاتحاد من جديد في دوري روشن ويُمكن وصف تلك النتيجة بأنها كانت بداية النهاية المأساوية، إذ فقد الفريق صدارة جدول الترتيب، وبعدها جاء التعادل مع الفيحاء الذي أطاح بالمدرب رودي جارسيا.

خسارة جديدة أمام الهلال في الدوري ثم خروج من الكأس أمام الوحدة ليفقد النصر هدفه الثاني في الموسم ولا يبقى له سوى منافسة الاتحاد على الدوري، تلك المنافسة التي تعرضت لضربة قاضية بالتعادل مع الخليج ثم الاتفاق ليخسر الفريق كل أهدافه ويخرج بموسم صفري ويتخلى عن فرصة اللعب في كأس العالم للأندية.

المثير في رحلة رونالدو مع النصر خلال نصف الموسم المنقضي حديثًا هي لحظات غضبه المتكررة، سواء من الحكام أو الخسائر أو ضياع الفرص، لحظات رآها البعض مجرد "تمثيل" لإشعار المتابع بجديته فيما وصفها البعض الآخر بأنها روح التحدي لدى اللاعب ورغبته في الفوز بالألقاب.

من الجانب الفني، رونالدو في موسمه الأول مع الأصفر لم يكن حاسمًا بالدرجة المطلوبة، لم يكن ذو تأثير كبير، سواء لصالح فريقه أو ضد منافسيه، بل ربما ساهم في زيادة رغبة وقوة الخصوم في مباريات النصر لأنه مثل حافزًا للجميع للتألق أمامه ... مع هذا، فلم يكن سيئًا كذلك، قدم لمحات جميلة وسجل أهدافًا ممتازة ورقميًا يُمكن القول أن إحراز 14 هدفًا وصناعة هدفين حصيلة ممتازة للاعب وصل في يناير دون أي خلفية أو تجربة سابقة في السعودية والدوري السعودي.Goal AR

كيف يُمكن وصف موسمه مع النصر؟ لا نستطيع صراحة أن نقول إلا أنه فاشل على صعيد تحقيق الإنجازات المطلوبة، لأن التعاقد معه بالنسبة للجمهور لا يتعلق بالجوانب الاقتصادية والإعلانية وكل تلك الأمور خارج الملعب، بل فقط بمساهمته في فوز الفريق بالألقاب وصناعة الفارق لصالحه وهو ما لم يحدث أبدًا.

هذا الفشل الرياضي مع النصر لا يُمكن وصفه سوى بحبة الكرز لكعكة الفشل وخيبة الأمل التي ميزت موسم رونالدو في 2022-2023، إذ لم يبدأ ذلك الفشل في الرياض أبدًا، بل هناك في مانشستر مرورًا بقطر ونهاية بالعاصمة السعودية.