في ليلة خميس غير مألوفة للإيطالي، عاد أنطونيو كونتي من جديد للكرة الإنجليزية من بوابة ليس حتى الدوري الأوروبي، ولكن دوري المؤتمر. بطل الدوري الإيطالي الموسم الماضي قاد فريقه الجديد توتنهام للفوز على فيتيس بثلاثة أهداف لهدفين بمباراة كل ما يتعلق بها من نتيجة أو ميعاد أو بطولتها لا يتماشى مع أفكار المدير الفني التقليدية. بعد أقل من ستة أشهر عن رحيله من إنتر، عاد كونتي سريعاً للعمل، وبعد ارتباطه مؤخراً بالعودة للبريميرلييج من بوابتي مانشستر يونايتد وتوتنهام، اختار مدرب تشيلسي السابق فريقاً جديداً من لندن لاستئناف مسيرته التدريبية. قرار كونتي بالعمل في توتنهام طرح التساؤلات، هل هو حقاً قراره؟ هل كان كونتي يريد مانشستر يونايتد ولكن تمسك الأخير بأولي جونار سولشاير جعله يتجه لسبيرز؟ اقرأ أيضاً .. مورينيو وكونتي .. اختيارات مشابهة ونتائج وطموحات مغايرة! نصف فرصة أفضل من لا فرصة! على مدار الأسابيع الأخيرة، وبالتحديد مع تراجع نتائج يونايتد وسبيرز، كثر الحديث عن كونتي في إنجلترا وتم ربطه بالناديين لخلافة سولشاير ونونو سانتو، وبدا أن عطلة كونتي هذه المرة لن تطول كما حدث بعد تشيلسي. إغراء العودة لأضواء البريميرلييج بما يتوافر من أموال وتسليط إعلامي كبير، والتنافس مع كبار القوم والمدربين، كانت كافية على ما يبدو لإقناع كونتي بالعدول عن قراره بالراحة والاكتفاء بالتحليل التلفازي هذا الموسم. ولكن، هل أراد كونتي حقاً مانشستر أكثر من فريقه الحالي؟ الصحفي روبرتو جوتا قال لكالتشيو ميركاتو إن هذا ما حدث فعلاً، مواطنه الإيطالي انتظر مانشستر يونايتد حتى اللحظة الأخيرة، ولكن عندما استشعر تمسك مانشستر بمدربه قرر استغلال الفرصة المتاحة في توتنهام، حتى لو كانت أقل من طموحاته. هل حقاً أراد كونتي يونايتد؟ تميز كونتي طوال مسيرته بصلابة الشخصية والعناد، رحل عن يوفنتوس وتشيلسي وإنتر لنفس الأسباب وهي الصدام مع الإدارة بسبب الاختلاف في وجهات النظر، هو يريد تلبية رغباته كاملة، وأقل اختلاف يعني الصدام والرحيل. كان سيصطدم المدرب الإيطالي في مانشستر بمعوقات شبيهة، ربما الإدارة مادياً كانت ستلبي طلباته، ولكن فنياً لن يجد مديراً رياضياً كما تعود في صورة بيبي ماروتا يسهل الأمور وينظمها، بل سيجد شبح السير أليكس فيرجسون الذي رغم رحيله عن النادي قبل سنوات، ولكن فعلياً هو الحاكم بأمره بعد في يونايتد، وكلمته قد تفوق الإدارة ذاتها. قد يكون يونايتد كنادٍ بالتأكيد أكثر إغراءاً من توتنهام، وكما ذكر جوتا يملك لاعبين أكثر حسماً وكانوا سيجعلون كونتي على الطريق للانتصارات مباشرة، ولكن كانت ستجربة أشبه بالفخ، من الخارج مغرية ولكن من الداخل سيواجه مشاكل فشل من قبله العديدين في حلها مثل جوزيه مورينيو ولويس فان خال والبقية. تحدي للثوابت في توتنهام تجربة سبيرز أشبه بخيار كونتي تدريب إيطاليا عقب كأس العالم 2014، تحدي شخصي أكثر منه سعي للفوز، أن تقود مجموعة تضم بيلي، إيدر، بارولو، وجياكيريني لربع نهائي اليورو وتخرج بركلات الترجيح فقط من ألمانيا كان إنجازاً بحد ذاته، والآن أن يتولى توتنهام في ظروف صعبة وعقب عدة تجارب فاشلة قد يكون تحدياً شبيهاً. سيجد كونتي في سبيرز الأموال، فراتبه ضخم وثاني أفضل راتب على مستوى العالم بين المدربين، وميزانية النادي كبيرة وستلبي طلباته، كما أنه سيجد وجه قديم هو المدير الرياضي فابيو باراتيتشي الذي عمل معه في يوفنتوس من قبل، وحاول جاهداً منذ الصيف الماضي لإقناعه بتدريب توتنهام. تحدي آخر سيواجه كونتي سيكون العمل مع الرئيس دانييل ليفي الذي رغم الغزل في تصريحات الإيطالي بحقه عقب تعيينه، ولكن في قرارة نفسه بالتأكيد يعرف صعوبة التعامل مع الرجل الذي يوصف بالبخيل والعنيد، ويعلم المدير الفني أن التعامل مع رئيسه الجديد لن يكون أسهل من رومان أبراموفيتش أو الصينيين في إنتر. تجربة كونتي في سبيرز ستكون جديرة بالمتابعة بالتأكيد، الفريق الذي نسي طعم البطولات يجتمع مع مدرب لا يعرف إلا تذوقها، ولذا يتوقع الكثير في الشهور المقبلة من هذا الزواج الذي أتي على عجالة من أمره، وربما حتى على عكس رغبة الزوج!