عندما ظهر اسم روبرت ليفاندوفسكي ضمن أخبار الانتقالات الخاصة بنادي برشلونة بحلول نهاية الموسم الماضي ظن قطاع كبير أن تلك الأنباء هي مجرد أخبار استهلاكية من أجل جذب الانتباه لبعض الصحف.
البعض الآخر رأى أن جوان لابورتا رجل عملي ولن يقوم بضم لاعب يبلغ من العمر 34 عامًا ليقود مشروع عودة برشلونة لمنصات التتويج، بالأخص بعد أن فرط في خدمات الأفضل على الإطلاق ليونيل ميسي لأسباب مالية، فما الذي يجبره على ضم نجم صف أول في نفس العمر تقريبًا وهو غريب تمامًا عن برشلونة وعن الدوري.
لكن على العكس تمامًا كانت الأنباء صحيحة، وليفاندوفسكي انضم لصفوف برشلونة بعد مسلسل طويل من التصريحات والخلافات العلنية مع بايرن ميونخ، وحتى في ذلك الوقت لم يراهن الكثير على نجاح البولندي في النادي الكتالوني.
حتى إن نجح بالنسبة للبعض سيظل صفقة مبالغ فيها بسبب قيمته التي وصلت إلى حوالي 50 مليون يورو، فهو في النهاية لاعب عمره ٣٤ عامًا ومهما منح الفريق فلن يمنحه أكثر من عامين على الأكثر في أفضل مستوياته.
لكن لأنه ليفاندوفسكي فقد نجح في تخطي أي توقعات تم وضعها له، وحقق البداية الأقوى لأي لاعب في الدوري الإسباني في القرن الجديد، مسجلًا تسعة أهداف في أول سبعة لقاءات فقط، أفضل من كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي لويس سواريز ونيمار وكريم بنزيما والقائمة تطول.
فقط شاهد هدفه ضد ريال مايوركا لتفهم الإضافة التي منحها ليفاندوفسكي إلى برشلونة ككل ولخط هجوم الفريق الكتالوني بشكل خاص.
في الموسم الماضي لو وصلت تلك الكرة إلى ممفيس ديباي على الجانب الأيسر أو للوك دي يونج أو مارتن برايثوايت وإن كنت أشك في وصولها لهم من الأساس لأن وصولها لليفاندوفسكي كان مرتبطًا بتحرك عبقري لا يأتي من لاعب إلا مثله، لكن لنفترض أن كرة أنسو فاتي قد وصلت لأحدهم فكنا سنشاهده يستلمها ويقف عليها ويلتف حول يمينًا ويسارًا ويضع نفسه في أحضان دفاعات الخصم ثم يفقدها بمنتهى السهولة.
لكن من جديد ولأنه ليفاندوفسكي فقد ساعد فاتي بشكل مذهل في إيجاد مساحة كبيرة في خط دفاع تكتل منذ اللحظة الأولى في المباراة عندما تقدم للأمام ثم هرب من الرقابة وذهب في المساحة التي فتحها لنفسه واستلم تمريرة أنسو ومهدها لنفسه بذلك الشكل قبل أن ينهي تلك السيمفونية بهدف يجعلك تفهم حقًا إصرار تشافي هيرنانديز وجوان لابورتا على ضم لاعب يلعب لأول مرة في الدوري الإسباني وسيبدأ النصف الثاني من ثلاثيناته قريبًا مقابل 50 مليون يورو بينما الفريق يعاني حتى يسجل نجومه.
دع كل ذلك جانبًا وفكر في مدى تأثير ليفاندوفسكي على من حوله، الذين هم أغلبهم تحت الـ 20 والـ 25 عامًا وكيف سينعكس ذلك عليهم مستقبلًا وكيف سيمررون تلك الخبرة بدورهم إلى من هم أصغر منهم بعد سنوات.
المكسب الحقيقي وأقصر الطرق
دعونا ننتقل إلى أمر آخر، فقبل أيام من حلول شهر أكتوبر انهالت الأخبار السيئة على نادي برشلونة، من إصابات لنجوم الفريق في فترة التوقف الدولي إلى جدول مباريات مزدحم يخوض خلاله الفريق تسعة لقاءات في ظرف 30 يومًا.
لذلك كان من الضروري أن يحقق الفريق الفوز في أول مباراة في ذلك الشهر، وبأقل خسائر ممكنة وإن كان الفوز غير مقنع بالنسبة لقطاع كبير من جماهير النادي الكتالوني.
البعض سيتشبث بأسلوب برشلونة والبعض الآخر سيقول أن بيب جوارديولا كان يعاني نفس الضغط وكان يحقق الانتصارات بنتائج ضخمة لكن ذلك ليس صحيحًا بشكل كبير.
تشافي لم يتخل عن أسلوب برشلونة، وليس حتى قريبًا من ذلك، كل ما في الأمر أن النادي الكتالوني حقق الفوز في مباراة مغلقة أمام خصم عنيد وإن كان ترتيبه في جدول الدوري الإسباني لا يعكس تلك الحقيقة.
والضغط الذي يتعرض له فريق تشافي مختلف كليًا عن ذلك الذي عانى منه بيب جوارديولا، فمع كامل الاحترام للفيلسوف فلم يصادف قط أن وجد نفسه يدرب فريق غير مستقر خارج من ذلك الكم من النكسات على مدار سنوات ويتوجب عليه التعامل مع توقف دولي طويل سيتجاوز الشهر في كأس العالم في نوفمبر المقبل.
لذلك فوز برشلونة اليوم بأقل مجهود ممكن مع إراحة رافينيا وبيدري والحفاظ على كافة عناصر الفريق من التعرض للإصابات هو المكسب الحقيقي في تلك المباراة، والذي سيمنح الفريق الكتالوني الفرصة للبناء عليه ليتجاوز شهر أكتوبر دون مشاكل كبيرة وبأكبر قدر ممكن من النقاط والانتصارات وأقل قدر من الأزمات.
كلمة في حق تشافي
اليوم وصل تشافي إلى المباراة رقم 18 له خارج ملعبه في الدوري الإسباني رفقة برشلونة كمدير فني، وقد نجح في كل تلك المباريات في تفادي الهزائم، مما يعني تجاوزه للرقم القياسي المسجل باسم زين الدين زيدان في ٢٠١٦ بواقع 17 مباراة فاز في 13 منهم وتعادل في أربعة.
رقم تشافي مثير للإعجاب ليس فقط لتجاوزه زيدان الذي كان يملك فريقًا به كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما وجاريث بيل وخايمس رودريجيز ولوكا مودريتش وغيرهم، وليس لأن تشافي حقق ذلك الرقم مع فريقين مختلفين تمامًا بسبب النقلة الكبيرة التي حدثت في سوق الانتقالات الصيفية في فريق برشلونة، لكن لأنه يحدث بعد واحدة من أسوأ فترات ناديه في التاريخ الحديث، حيث لم يتوقع حتى أكبر المتفائلين عودة قريبة بتلك السرعة للكتلان.
ربما تكون خبرة تشافي مقصورة على عدة سنوات قليلة في الخليج العربي مع السد، وربما يكون لديه بعض القصور في عدة جوانب فنية، لكن لا بأس في ذلك إذا كان الرجل يتعلم من الأخطاء ويصلحها ويبني عليها ويحقق النجاحات ويأتي خلفها الأرقام القياسية.
بيت القصيد
برشلونة حقق الفوز وهو الفريق الأفضل وإن لم يقدم أفضل ما لديه في المباراة، صحيح أن مايوركا ظهر في عدة لقطات بشكل خطير لكن ذلك لا يكفي في ظل تألق لاعب مثل تير شتيجن، المحسوب بالتبعية كون الفريق الكتالوني أفضل في المباراة.
وروبرت ليفاندوفسكي أوضح للجميع سبب إصرار تشافي هيرنانديز وجوان لابورتا وماتيو أليماني عليه في سوق الانتقالات رغم كل الانتقادات التي أحاطت بالصفقة قبل حتى أن تبدأ المفاوضات بشكل رسمي، فقيمته التي يضيفها للنادي الكتالوني وقدراته التي تأتي بالفوز بشكل فردي بذلك الأداء المميز كلها دلائل على مدى نجاح الصفقة.
وختامًا للحديث عن تشافي هيرنانديز، الرجل الذي جاء في حالة من عدم الاستقرار وحول الفريق 180 درجة ولا يزال أمامه الكثير ليقدمه، فقط اعطوه الفرصة ودعوه يتجاوز أكتوبر بأي شكل ممكن ثم دعونا نتحاسب.
اخلاء مسئولية! : هذا المحتوى لم يتم انشائة او استضافته بواسطة موقع اخبار الكورة و اي مسؤلية قانونية تقع على عاتق الموقع مصدر الخبر : GOAL , يتم جمع الاخبار عن طريق خدمة ال RSS المتاحة مجانا للجمهور من المصدر : GOAL مع الحفظ على حقوق الملكية الخاصة بمصدر الخبر.