موقع اخبار كورة - لم يكن موسمًا عاديًا، ولم تكن نهاية عابرة. فبين عتمة النتائج المتذبذبة، وشكوك الجماهير، وتخبّط إداري ورياضي أطال أمده، أتى التتويج بلقب كأس مصر ليكون كأنفاس الحياة الأخيرة التي أعادت الروح لجسد الزمالك المنهك، وأنعشت قلوب مشجعيه التي ظلت تنبض رغم الألم.

موسم من الجراح

خسر الزمالك هذا الموسم الكثير، ليس فقط على مستوى البطولات، بل خسر استقراره، ثقته، وربما هويته في لحظات كثيرة. خرج الفريق من دوري أبطال إفريقيا مبكرًا، وتعثر في سباق الدوري المحلي، واهتزت صفوفه بين إصابات، وإيقافات، وتغييرات متكررة في الأجهزة الفنية. بدا وكأن الفريق يسير في نفق مظلم لا نهاية له.

الجماهير الزملكاوية عاشت صدمة تلو الأخرى، ما بين نتائج محبطة، وتصريحات متضاربة، ومشهد عام يشي بأن الأبيض في طريقه لفقدان البوصلة.

لكن كما اعتاد هذا النادي الكبير على النهوض في اللحظات الحرجة، جاء نهائي كأس مصر ليكتب فصلاً مختلفًا.

ليلة الحسم.. وإرادة لا تنكسر

في مواجهة صعبة أمام فريق طموح مثل بيراميدز، وقف الزمالك شامخًا، متماسكًا، مقاتلًا حتى الرمق الأخير. لم يكن الأداء مثاليًا، لكنه كان صادقًا، مشبعًا بروح الفانلة البيضاء، ومغلفًا بعزيمة من يحملون تاريخ هذا الشعار.

المباراة امتدت لركلات الترجيح، وكأن القدر أراد أن يُكتب التتويج بمزيد من الدراما. وفي تلك اللحظة، حين أمسكت يد الحارس محمد عواد بكرة الحسم، لم تكن مجرد تصدي.. بل كانت إنقاذًا لموسم كامل من الانكسار.

الكأس.. أكثر من مجرد بطولة

لم يكن اللقب الـ29 في تاريخ الزمالك بالكأس مجرد إضافة رقمية لخزينة البطولات، بل كان رسالة أمل. رسالة تؤكد أن هذا الفريق، وإن تراجع، فإنه لا يسقط. وإن تألم، فإنه لا يموت. وإن خسر المعارك، فإنه لا يزال يملك شجاعة الوقوف على قدميه وخوض الحرب من جديد.

الكأس جاءت لتُعيد للجماهير الثقة، وتُثبت أن الأبيض قادر على التحول من الحزن إلى المجد. جاءت لتمنح اللاعبين دفعة معنوية، ولتقول للإدارة والجمهور: ما زال هناك طريق، فقط امنحوا الفريق بعض الاستقرار.

دموع الفرح.. وغدٌ قد يكون أفضل

مشاهد الاحتفال كانت مؤثرة. لاعبون يذرفون الدموع، مدرب يضم لاعبيه وكأنه يضم أبناءه، جمهور يغني وكأنّه خرج من كابوس طويل، وابتسامات تعانق الدموع في مشهد سينمائي خالص.

لقد مسحت الكأس دموع موسم كامل، وفتحت الباب على مصراعيه لبدء صفحة جديدة. صحيح أن الطريق طويل، والتحديات مستمرة، لكن الأهم أن الزمالك استعاد روحه.. والروح، في كرة القدم، قد تكون أقوى من أي خطة أو صفقة.